الموجز الثاني: تحذير عظيم

ما زلنا حريصين على التحدُّث معكم بإسهابٍ أكبر بخصوص شؤون عالمِكم وعلى مساعدتِكم لرؤية، إذا أمكن، ما نراه من موقعنا الاستطلاعي. نحن ندركُ أن هذا أمرٌ يصعبُ تلِّقيه وأنه سيسبِّبُ قدراً ضخماً من الهمِّ والقلق، لكن يجبُ أن تُعلَموا.

الوضع خطيرٌ جداً من منظورنا، ونعتقدُ أنه سيكون من الأمور بالغة السوء ألا يُعْلمَ الناسُ بشكلٍ صحيح. هناك الكثير من الخداع في العالم الذي تعيشون فيه، وفي العديد من العوالم الأخرى أيضاً، إلى حدِّ أن الحقيقةَ، على وضوحِها وجلائها، يتم المرور عليها دون أن تُتبيَّن وأن علاماتها ورسائلها تمر دون أن تُكتشف. لذلك، نأمل أن يساعد حضورُنا في توضيح الصورة ويساعدكم ويساعد الآخرين على رؤية ما هو موجودٌ حقاً. تصورنا يخلو من التنازلات التي تنتقصُ منه، لأننا أُرسلْنا لنشهدَ نفسَ الأشياء التي نصفُها.

لربما بإمكانكم بمرور الوقت معرفة هذه الأشياء بأنفسكم، لكنَّ ليس لديكم هذا النوع من الوقت. لقد أصبحَ الوقت قصيراً. وأصبح استعداد البشرية لظهور قوى من المجتمع الأعظم متأخراً كثيراً عن موعده. وكثيرٌ من الأشخاص المهمِّين لم يستجيبوا. وأصبح التوغُّلُ في العالم يحدثُ بوتيرةٍ أسرع بكثير من الوتيرة التي كان يُعتقد في الأصل أنها ممكنة.

لقد جئنا وليس أمامنا وقت ندَّخرُه، ومع ذلك جئنا تشجيعاً لكم لنقل هذه المعلومات لكم. كما أشرنا في رسالتينا السابقتين، يجري اختراق العالم وتكييفُ البيئة العقلية وتجهيزُها. المقصدُ ليس هو القضاء على البشر بل توظيفهم، وتحويلهم إلى عمالةٍ تخدمُ ’’جماعةً‘‘أعظم. إن مؤسسات العالم، وبكل تأكيد البيئة الطبيعية، كلتيهما موضع تقدير، ويفضِّلُ الزوار أن يتم الحفاظ عليهما لما فيه نفعهم. فهم لا يستطيعون العيشَ هنا، ومن ثم لكي يكسبوا ولاءكم، يقومون باستخدام كثيرٍ من الأساليب التي وصفناها. وسنواصل في وصفنا توضيح هذه الأشياء.

إن وصولَنا هنا قد اعترضتْه عدةُ عوامل، ليس أقلها عدم جاهزية الأشخاص الذين كان يجبُ أن نصل إليهم مباشرة. مُتحدثُنا، مؤلف هذا الكتاب، هو الشخص الوحيد الذي أمكن لنا إقامة اتصالٍ متين معه، لهذا يجبُ علينا أن نعطي متحدثَنا المعلومات الأساسية.

من منظور زواركم، وكما علمنا، تُعتبر الولايات المتحدة قائدةَ العالم، ولهذا سيُولى أعظم قدر من التركيز هنا. إلا أنه سيتم أيضاً الاتصال بأمم أخرى رئيسية، لأنه يعرف أنها تملك القوة، والقوة أمرٌ يفهمه الزوار، لأنهم يتَّبعون ما تمليه القوة دون شك وبدرجةٍ أعظم بكثير مما هو واضح حتى في عالمكم.

ستبذل محاولاتٌ لإقناع قادة أقوى الدول بتقبُّل حضور الزوار وتلقي الهدايا والإغراءات للتعاون، وسيقدَّمون وعدٌ بالمنفعة المتبادلة، وحتى وعدٌ للبعض بالسيطرة على العالم. وداخل أروقة القوة في العالم سيكون هناك من يستجيب لهذه الإغراءات، لأنهم سيعتقدون أن هناك فرصةً عظيمةً سانحةً لإبعاد البشرية عن شبح الحرب النووية والذهاب بها إلى مجتمعٍ جديدٍ على الأرض، مجتمعٍ يتولون هم قيادتَه لأهدافهم الخاصة. ومع ذلك، فإن هؤلاء القادة مخدوعون، لأنهم لن يُعطَوا مفاتيح هذه المملكة. كلُّ ما في الأمر أنهم سيكونون المُحكِّمين في انتقال السلطة.

هذا أمرٌ يجب أن تفهموه، فهو ليس شديد التعقيد. من منظورنا ومن موقعنا الاستطلاعي، هو أمرٌ واضح. لقد رأيناه يحدثُ في أماكن أخرى. هذا الأسلوب هو أحد الأساليب التي تنتهجها منظماتٌ راسخة من الأعراق التي لديها جماعات خاصة بها لتجنيد عوالم ناشئة مثل عالمكم. إنها تؤمن إيماناً راسخاً بأن خطتها نبيلة وتهدف إلى الارتقاء بعالمكم، لأن الإنسانية لا تحظى باحترام عالي، بحسب منظورهم، رغم أن لديكم خصالا حميدة في بعض المناحي، فإن ما لديكم من نقائص يفوق بكثير ما لديكم من إمكانات. وهذا رأيٌ لا نقول به وإلا ما كُنّا في موقفنا هذا، وما كنا عرضنا عليكم خدماتنا بوصفنا حلفاء البشرية.

لذلك، تواجهُ البشرية الآن صعوبةً عظيمةً في التمييز وهو تحدٍ عظيم. التحدي هو أن تفهمَ البشرية من هم حلفاؤها حقاً وتكونَ قادرة على تمييزهم عن خصومِها المحتملين. لا توجد أطرافٌ محايدة في هذه المسألة. فالعالم ثمين إلى أبعد الحدود، ومعروف أن مواردَه فريدةٌ وعظيمةُ القيمة. لا توجد أطرافٌ محايدةٌ منخرطةٌ في الشؤون الإنسانية. الطبيعةُ الحقيقية للتدخل الفضائي هي ممارسةُ التأثير والسيطرة والقيام في نهاية المطاف بفرض سيادتهم على الأرض.

نحن لسْنا الزوار. بل نحن المراقبون. نحن لا ندَّعي أي حقوق في عالمكم، وليس لدينا أجندة لنؤسس أنفسنا هنا. لهذا السبب، أسماؤنا مخفية، لأننا لا نسعى إلى إقامة علاقات معكم تتجاوز قدرتنا على إسداء مشورتنا بهذه الطريقة. لا يمكنُنا السيطرة على النتيجة. كل ما يمكننا القيامُ به هو تقديمُ النصح لكم بشأن الخيارات والقرارات التي يجب أن يتخذها الناس في عالمكم في ضوء هذه الأحداث العظيمة.

إن لدى البشرية وعداً عظيماً وقد قامت بتنمية إرثٍ روحي غني، لكنها تفتقر إلى التعليم بشأن المجتمع الأعظم التي هي بصدد الظهور فيه. البشريةُ منقسمةٌ ومتناحرةٌ فيما بينها، وهو ما يجعلُها عرضةً للتلاعب والتدخل من خارج حدودكم. شعوبُكم مشغولةٌ بهموم اليوم، لكن واقعَ الغد غير معترف به. ما هي المكاسب التي يمكن أن تجنوها من تجاهل حركة العالم العظمى ومن افتراض أن التدخل الذي يحدث اليوم هو لمصلحتكم؟ من المؤكد أنه لا يوجد بينكم من يستطيع أن يقول هذا لو أنكم رأيتم حقيقة الوضع.

من أحد الوجوه، هي مسألة منظور. فنحن نستطيع أن نرى وأنتم لا تستطيعون، لأنه ليس لديكم الموقع الاستطلاعي. ولكي تروا ما نراه، سيتعين أن تكونوا خارج عالمكم، خارج نطاق تأثير عالمكم. ومع ذلك، لكي نرى ما نراه، يجب أن نبقى في خفاءٍ لأنه لو اكتُشفنا فسنهلك لا محالة. لأن زواركم يعتبرون أن مهمتهم هنا ذات قيمة قصوى، وهم يعتبرون الأرض هي أفضل فرصهم من بين عدة كواكب أخرى. ولن يتوقفوا بسببنا. لهذا فإن حريتَكم هي التي يجب أن تقدِّروها وهي التي يجبُ أن تدافعوا عنها. وهذا أمرٌ لا نستطيع القيام به نيابة عنكم.

وأيُ عالم يسعى إلى إقامة وحدتِه وحريتِه وحقِه في تقرير مصيره في المجتمع الأعظم عليه أن يؤسِّسَ هذه الحرية ويدافعَ عنها إذا لزم الأمر. وما لم يفعل ذلك، فسيخضع حتماً للسيطرة وستكون تلك السيطرة كاملة.

ولماذا يريد زوارُكم عالمكم؟ الأمر في غاية الوضوح. لستم أنتم تحديداً من تهمونهم. إنما تهمهم الموارد البيولوجية لعالمكم. يهمهم الموقع الإستراتيجي لهذه المجموعة الشمسية. أنتم غير مفيدين لهم إلا بقدر قيمة هذه الأشياء وإمكانية استخدامها. سيعرضون عليكم ما تريدون وسيتكلمون بما تريدون أن تسمعوه. سيعرضون عليكم مغريات، وسيستخدمون دياناتكم ومُثُلَكم الدينية لتعزيز الثقة والاطمئنان بأنهم يفهمون، أكثر منكم، احتياجات عالمِكم وأنهم سيكونون أقدرَ منكم على تلبية هذه الاحتياجات لتحقيق قدرٍ أعظم من الاتزان هنا. ولأن البشرية تبدو عاجزةً عن إقامة الوحدة والنظام، فسيفتح الكثير من الناس عقولهم وقلوبهم لمن يعتقدون أن لديهم إمكانية أعظم للقيام بذلك.

تحدثنا في الخطاب الثاني بإيجازٍ عن برنامج التهجين مع البشر. وقد سمع البعضُ عن هذه الظاهرة، ونحن نفهمُ أنه كان هناك بعض النقاش بشأن ذلك. لقد أخبرونا اللامرئيين أن هناك وعياً متزايداً بوجود مثل هذا البرنامج، ولكن الأمر الذي يصعب تصديقه هو أن الناس لا يستطيعون رؤية العواقب الواضحة، وقد استولت عليهم تفضيلاتهم في هذه المسألة دون تجهيز كاف للتعامل مع ما يمكن أن يعنيه هذا التدخل. من الواضح أن برنامج التهجين مع البشر هو محاولة لصهر قدرة البشرية على التكيف مع العالم المادي مع عقل مجموعة الزوار ووعيهم الجمعي. ومن شأن هذا النسل أن يكون في موقع مثالي لتقديم القيادة الجديدة للبشرية، قيادة مولودة من نيات الزوار وحملتهم. ستكون لهؤلاء الأفراد علاقاتُ دم في العالم، وبالتالي سيكون الآخرون أقارب لهم ويقبلون حضورهم. إلا أنهم لن يكونوا معكم بعقولهم، ولا بقلوبهم. وعلى الرغم من أنهم قد يشعرون بالتعاطف معكم في حالتكم وما قد تؤول إليه حالتكم، فلن تكون لديهم السلطة الفردية، لكونهم غير مدربين على طريقة المعرفة الروحية والبصيرة أنفسهم، لمساعدتكم أو لمقاومة الوعي الجمعي الذي عززهم هنا وأعطاهم الحياة.

وكما ترون، فإنه لا قيمة عند الزوار للحرية الفردية. إذ أنهم يعتبرونها متهورة وغير مسؤولة. هم لا يفهمون إلا وعيهم الجمعي، الذي يعتبرونه ميزة وبركة. ومع ذلك لا يمكنهم الوصول إلى الروحانية الصحيحة، التي تسمى المعرفة الروحية في الكون، لأن المعرفة الروحية تولد من اكتشاف الفرد لنفسه وتتجسد من خلال علاقات ذات عيار عالي. لا توجد أي من هاتين الظاهرتين في البنية الاجتماعية للزوار. فهم لا يستطيعون التفكير لأنفسهم. وإرادتهم ليست ملكاً لهم وحدهم. ولهذا فإنهم بطبيعة الحال غير قادرين على احترام آفاق تطور هاتين الظاهرتين العظيمتين داخل عالمكم، وهم بالتأكيد غير مهيئين لدعم مثل هذه الأمور. هم فقط يسعون إلى التوافق والولاء. والتعاليم الروحية التي سيرعونها في العالم هي فقط التي ستفيدهم في تطويع البشر لخدمتهم وجعلهم منفتحين غير مرتابين من أجل أن يحصدوا ثقة لم يفعلوا شيئا قط لاستحقاقها.

هذه أشياءٌ رأيناها من قبل في أماكن أخرى. لقد رأينا عوالم كاملة تقعُ تحت سيطرة مثل هذه الجماعات. وهذه الجماعات موجودةٌ بكثرة في الكون. لأن جماعات كهذه تزاول عمليات المقايضة التجارية بين الكواكب وتمتد إلى مناطق شاسعة، فإنها تنصاع لنظامٍ صارم من التوافق لا تحيد عنه. والفرديةُ ليست موجودة بينهم، على الأقل ليس بالمفهوم الذي يمكن أن تعرفوه على أي حال.

لسنا على يقين من إنه بمقدورنا ضربُ مثال من عالمكم لما يمكن أن يكون عليه هذا الأمر، ولكن قيل لنا إنه توجد في عالمكم مصالح تجارية تشمل الثقافات، تتمتع بقوة هائلة ولكن لا يحكمُها إلا قليلون. ربما يكون هذا قياساً جيداً لما نصفه. إلا أن ما نصفه يفوق بكثير أي مثال جيد من عالمكم من حيث القوة والانتشار والرسوخ.

الحق هو أنه بالنسبة لأي حياة ذكية في أي مكان، يمكن أن يكون الخوفُ قوةً مدمرة. غير أن الخوفَ يخدمُ هدفاً واحداً فقط إذا أُدركَ بشكل صحيح وهو إعلامُكم بوجود خطر. نحن قلقين، وهذه هي طبيعةُ خوفنا. نفهمُ ما هو في خطر. وتلك هي طبيعة قلقنا. الخوف يولد عندكم لأنكم تجهلون ما يحدث، ولذا فهو خوف مدمر. إنه خوف لا يمكن أن يمدكم بالتمكين أو بالتصور الذي تحتاجونه لفهم ما يحدث داخل عالمكم.

إذا استطعتم أن تصبحوا على علم، فإن الخوف يتحوَّلُ إلى قلق، والقلق يتحول إلى عملٍ بنّاء. لا نعرفُ طريقةً أخرى لوصف هذا.

لقد بدأ برنامج الزوار للتهجين مع البشر يصبح ناجحاً جداً. يوجد بالفعل من يمشون في الأرض ممن وُلدوا من وعي الزوار ومسعاهم الجماعي. وهؤلاء لا يقْدرون على العيش في الأرض لمدة طويلة، ولكن في غضون بضع سنوات فقط، سيكونُ بمقدورهم العيش بصورة دائمة على سطح عالمكم. سيكون إتقانُهم للهندسة الوراثية الخاصة بهم قد بلغ حداً يجعلهم يبدون غير مختلفين عنكم إلا قليلاً، وسيكون اختلافهم في الأسلوب والحضور أكبر منه في هيئتهم الخارجية، إلى حدٍ يرجح فيه أن سيمرون دون أن تتم ملاحظتهم أو التعرف عليهم. على أنه ستكون لديهم ملكات عقلية أعظم. وسيتيح لهم ذلك ميزةً لا تستطيعون مضاهاتها ما لم تكونوا مدرَّبين على طرق البصيرة.

تلك هي الحقيقةُ العظمى التي تهمُّ البشرية بدخولها – أي كوناً مليئاً بالعجائب والأهوال، كوناً من التأثير، كوناً من التنافس، ولكن أيضاً كوناً مليئاً بالنعمة، يشبه عالمَكم كثيراً لكن على نطاق أعظم بشكل لا نهائي. إن الجنَّة التي تسعون إليها ليست هنا. أما القوى التي يتعين عليكم التصدي لها فهي هنا. وهذه هي أعظمُ عتبة سيواجهُها عرقكُم على الإطلاق. ذلك أمرٌ واجهَه كلٌّ منا في مجموعتنا في العالم الخاص به، وكانت الإخفاقاتُ عظيمة، والنجاحُ محدوداً. وحتى يتسنى لأعراق الكائنات الحفاظ على حريتها وانعزالها فإنه يتعين عليها أن تصبح قوية ومتحدة وعليها على الأرجح أن تنأى بنفسها نأياً شديداً عن التفاعلات التي تجري في المجتمع الأعظم من أجل حماية تلك الحرية.

إنكم إن فكرتم في هذه الأمور لربما رأيتم نتائج طبيعية لها في عالمكم. لقد أخبرونا اللامرئيين بالكثير فيما يتعلق بتطوركم الروحي وما يبشر به من أمور عظيمة، إلا أنهم ذكروا لنا أيضاً أن توجهاتكم ومُثُلَكم الروحانية يجري التلاعب بها كثيراً في هذا الوقت. فهناك تعاليم كاملة يجري إدخالها إلى العالم الآن تعلِّم البشرَ الرضوخ وتشلّ قدراتهم النقدية ولا تقدِّر إلا ما يبعث على المتعة والراحة. وهذه التعاليم تعطَى لكي تعطِّل قدرةَ الناس على الوصول إلى المعرفة الروحية في نفوسهم حتى يصل الناسُ إلى نقطة يشعرون عندها أنهم يعتمدون بشكل كامل على قوى أعظم لا يستطيعون تحديدها. عندئذ، سيتبعون أي شيء يعطى لهم لفعله، وحتى إذا أحسوا بوجود خطأ ما، فلن تعود لديهم القدرة على المقاومة.

لقد عاشت البشرية في عزلةٍ لوقت طويل. ربما يُعتقد أن مثل هذا التدخل لا يمكن أن يحدث وأن لكل إنسان، ذكراً كان أو أنثى، حقوق ملكية على وعيه وعقله. لكن هذه مجرد افتراضات. مع ذلك قيل لنا إن الحكماء في عالمكم تعلَّموا أن يتغلبوا على هذه الافتراضات واكتسبوا القوة اللازمة لتأسيس بيئتهم العقلية الخاصة.

إننا نخشى أن تكون كلماتُنا هذه قد جاءت بعد فوات الأوان وألا يكون لها تأثيرٌ يُذكر وألا تكون لدى الشخص الذي اخترناه لاستقبالنا المساعدةُ والدعمُ اللازمان لجعل هذه المعلومات متاحة. سيواجهونه بالتكذيب والاستهزاء، ولن يصدقوه، وسيتعارض ما يقوله مع ما يفترض الكثيرون أنه الحق. الذين وقعوا تحت إقناع الفضائيين هم الذين سيعارضونه على وجه الخصوص، إذ لا يملكون أي خيار في هذا الأمر.

في خِضم الوضع الخطير، أرسل خالقُ كل الحياة تحضيراً وتعليماً عن القدرة الروحية، والتمييز، والقوة، والإنجاز. نحن من طلاب علم لهذا التعليم، مثلنا في ذلك مثل كثيرين في جميع أنحاء الكون. هذا التعليم هو شكل من أشكال التدخل الإلهي. وهو لا يخص عالماً واحداً. ولا هو ملكٌ لعرق دون آخر. وهو لا يتمحور على أي بطل أو بطلة، أو أي فرد. وهذا التحضير متاحٌ الآن. وسيكون لازماً. وهو من منظورنا الشيءُ الوحيد حالياً الذي يمكن أن يتيح للإنسانية فرصةَ امتلاك الحكمة والقدرة على التمييز فيما يتعلق بحياتكم الجديدة في المجتمع الأعظم.

وعلى غرار ما حدث في عالمكم في تاريخكم، فإن أول من وصل إلى الأراضي الجديدة هم المستكشفون والغزاة. وهم لا يأتون لأسباب إيثارية. بل يأتون بحثاً عن القوة والموارد والسيطرة. وهذه هي طبيعةُ الحياة. ولو كانت البشرية على دراية بشؤون المجتمع الأعظم، لقاومتم أي زيارة إلى عالمكم ما لم يكن قد تم التوصُّل مسبقاً إلى اتفاق متبادل. ولكان توافر لديكم ما يكفي من المعرفة لكيلا تسمحوا لعالمكم أن يبلغ ذلك القدر من العرضة للخطر.

في هذا الوقت، يوجد أكثر من جماعة تتنافس على ميزات هنا. وهذا يضعُ البشريةَ في خِضم مجموعةٍ من الظروف تعدُّ غير اعتيادية إلى حدٍ كبير ولكنها مع ذلك ظروف تنويرية. وهذا هو السبب في أن رسائل الزوار غالباً ما تبدو غير متسقة. فقد كان هناك صراعٌ بينهم، لكنهم سيتفاوضون مع بعضهم البعض إذا ما تبيَّن لهم أن هناك منفعةً متبادلة. ومع ذلك، هم لا يزالون في حالة تنافس. وبالنسبة لهم. هذه هي الحدود. بالنسبة لهم، تكمن قيمتُكم في كونكم مفيدين. وإذا تراءى لهم أنكم لم تعودوا مفيدين، فسيتم التخلص منكم ببساطة.

هنا في عالمكم، يوجد تحدٍ عظيم يواجهه الناس، ولا سيما من هم في مواقع القوة والمسؤولية، وهو معرفةُ الفرق بين الحضور الروحي والزيارات الآتية من المجتمع الأعظم. لكن من أين لكم بالإطار الذي تستطيعون من خلاله التمييز بين هذين الأمرين؟ وأين يمكنكم تعلُّم مثل هذه الأشياء؟ ومَن في عالمكم في وضعٍ يتيح له التعليم عن واقع المجتمع الأعظم؟ لا شيء سوى تعليم من خارج العالم هو الذي يمكن أن يعدَّكم للتعامل مع حياة من خارج العالم، وهذه الحياة من خارج العالم قد أصبحت الآن في عالمكم، تسعى لتثبيت أقدامها هنا، تسعى إلى بسط تأثيرها، تسعى إلى كسب عقولِ الناس وقلوبهم وأرواحهم في كل مكان. إنه أمرٌ في غاية البساطة. ولكنه فاجعةٌ مروِّعة.

لذلك، فإن مهمتَنا في هذه الرسائل هي توجيهُ تحذير عظيم، لكن التحذير ليس كافياً. فلا بد أن يكون الناس على بيِّنة من الأمر. على الأقل، لا بد أن يتوافر لعددٍ كافٍ من الناس هنا فهمٌ للواقع الذي تواجهونه الآن. هذا هو أعظمُ حدث في تاريخ البشرية — أعظم خطر يهدِّد حرية الإنسان وأعظم فرصة لوحدة البشر وتعاونهم. نحن ندركُ هذه المزايا والإمكانات العظيمة. ولكن مع كلِّ يوم يمر يتلاشى وعدها — مع الإمساك بأعدادٍ متزايدةٍ من الناس وإعادة تهيئة وتشكيل وعيهم، ومع قيام أعدادٍ متزايدةٍ من الناس بتعلم التعاليم الروحية التي يروج لها الزوار، ومع إذعان أعدادٍ متزايدةٍ من الناس لهذا الأمر وتقلُّص قدرتهم على التمييز.

لقد جئنا بناء على طلب اللامرئيين للعمل بهذه الصفة كمراقبين. فإذ تحقَّقَ لنا النجاحُ، فسنبقى على مقربة من عالمكم لفترةٍ كافيةٍ فقط لمواصلة تزويدكم بهذه المعلومات. وبعد ذلك، سنعودُ إلى مواطننا. وإذا بؤنا بالفشل وانقلبَ المدُّ ضد الإنسانية وحلَّ ظلامٌ عظيم على العالم، ظلامُ الهيمنة، فسنضطر عندئذ إلى الرحيل دون أن تَتِم مهمتنا. وفي كلتا الحالتين، لن يمكننا البقاءُ معكم، ولكن إذا أبديتم تجاوباً مبشراً فسنبقى إلى أن تكونوا في أمان، إلى أن تتمكنوا من تكفُّل أمركم بأنفسكم. ويدخلُ في ذلك ضرورةُ بلوغِكم الاكتفاء-الذاتي. أما إذا أصبحتم معتمدين على المقايضة مع أعراقٍ أخرى، فسيترتب على ذلك خطرٌ مبين هو التلاعب بكم من قبل قوى خارجية، لأن البشرية لم تبلغ بعد القوة التي تتيحُ لها مقاومة القوة في البيئة العقلية التي يمكن ممارستُها هنا والتي تجري ممارستها هنا الآن.

سيحاول الزوارُ إيهامكم أنهم”حلفاء البشرية“ سيقولون إنهم هنا لإنقاذ البشرية من نفسها، وإنهم وحدهم القادرون على تقديم الأمل العظيم الذي لا تستطيع البشريةُ تقديمَه لنفسها، وإنهم وحدهم القادرون على إقامة نظامٍ ووئامٍ حقيقيين في العالم. إلا أن هذا النظامَ وهذا الوئام سيكونان لهم، وليس لكم. والحرّية التي يعدون بها لن تكون لكم للتمتع بها.