الموجز الثاني: التحدي الذي يواجه حرية الإنسان
تقترب البشريةُ من وقتٍ في غاية الخطورة والأهمية في تطورها الجماعي. فأنتم الآن على شفا الظهور في مجتمع أعظم من الحياة الذكية. ستواجهون أعراقاً أخرى من الكائنات التي تأتي حالياً إلى عالمكم سعياً لحماية مصالحها ولاكتشاف ما قد يكون ماثلاً أمامها من فرص. هذه الأعراق لاهي ملائكة ولا هي كائنات ملائكية. كما أنها ليست كيانات روحية. بل هي كائناتٌ تأتي إلى عالمكم للحصول على الموارد، ولإقامة تحالفات، ولكسب ميزة في عالمٍ آخذ في الظهور. هذه الأعراقُ لا هي من الأشرار. ولا هي من الأبرار. وهي في ذلك تشبهُكم كثيراً. كل ما في الأمر أنّ لديها دوافع تحرِّكُها هي احتياجاتُها، وارتباطاتها، وإيمانياتها، وأهدافها الجماعية.
الوقتُ الذي تمر به البشرية الآن هو وقتٌ عظيم للغاية لها، لكنها غير مستعدة. ذلك أمرٌ يمكن أن نراه من موقعنا الاستطلاعي على نطاق أوسع. نحن لا نُقحم أنفسنا في حياة البشر اليومية في الأرض. ولا نحاول إقناع الحكومات بشيءٍ أو المطالبة ببعض أجزاء العالم أو بموارد معينة موجودة هنا. بل نراقب، ونودُّ أن نبلغ عمّا نشاهده، لأن هذه هي مهمتنا في وجودنا هنا.
لقد أخبرونا اللامرئيون أن لدى كثيرين من الناس اليوم شعوراً بحالة غريبة من عدم الارتياح، وشعوراً مبهماً بوجود حاجة عاجلة، شعوراً بأن شيئاً ما سيحدث وأنه يجب القيام بعمل ما. وربما لا يكون هناك في نطاق تجاربهم اليومية ما يبرِّر هذه المشاعر العميقة، أو يؤكد من أهمية هذه المشاعر، أو يعطي التعبير عنها مضمون. هذا أمرٌ يمكن أن نفهمه لأننا مررنا بأشياء مماثلة نحن أنفسنا في تواريخنا. نحن نمثِّل عدة أعراق انضمت معاً في تحالفنا الصغير لدعم ظهور المعرفة الروحية والحكمة في الكون، لاسيما لدى الأعراق التي هي على أعتاب الظهور في المجتمع الأعظم. هذه الأعراق الآخذة في الظهور عُرضة بوجه خاص لتأثير وتلاعب القوى الأجنبية. وهي عُرضة بوجه خاص لإساءة فهم حالتهم وهذا أمر مفهوم، فكيف يمكنهم فهم معنى وتعقيد الحياة داخل المجتمع الأعظم؟ هذا هو السبب في رغبتنا في أن نؤدي دورنا الصغير في تحضير البشرية وتثقيفها.
لقد قدَّمنا في خطابنا الأول وصفاً واسعاً لانخراط الزوار في أربع مجالات. المجال الأول هو التأثير على الأشخاص المهمين في مناصب القوة في الحكومات وعلى رأس المؤسسات الدينية. المجال الثاني هو التأثيرُ على الأشخاص ذوي الميول الروحية والراغبين في الانفتاح على القوى العظمى الموجودة في الكون. المجالُ الثالث من الانخراط هو قيام الزوار ببناء مؤسسات في العالم في مواقع استراتيجية، بالقرب من مراكز سكانية، حيث يمكن ممارسة تأثيرهم على البيئة العقلية. وأخيراً، تحدثنا عن برنامجهم للتهجين مع البشر، وهو برنامجٌ يجري تنفيذه منذ فترة طويلة.
نحن نفهم مدى الانزعاج الذي يمكن أن تثيره هذه الأخبار وربما مدى خيبة الأمل التي يمكن أن تصيب كثيرٌ من الناس الذين يملكون آمال وتوقعات عالية بأن الزوار القادمين من الخارج سيأتون بالبركة والمنافع العظيمة للبشرية. وربما كان من الطبيعي افتراض هذه الأمور وتوقعها، إلا أن المجتمع الأعظم الذي توشك البشرية على الظهور فيه هو بيئةٌ صعبة وتنافسية، ولاسيما في مناطق الكون التي تتنافس فيها أعراق مختلفة كثيرة وتتفاعل من أجل المقايضة التجارية والمعاملات التجارية. إن عالمكم يقع في مثل هذه المنطقة. قد يبدو ذلك أمراً لا يصدق بالنسبة لكم لأنه كان يبدو دائماً أنكم تعيشون في عزلة، بمفردكم داخل فراغ الفضاء الوسيع. لكن الحقيقة أنكم تعيشون في جزءٍ مأهول من الكون تأسست فيه المقايضة التجارية والمعاملات التجارية وفيه تقاليدٌ وتفاعلات وارتباطات قائمة منذ أمد طويل. ومن الأمور النافعة لكم أنكم تعيشون في عالمٍ جميل، عالم من التنوع البيولوجي العظيم، مكان خلاب يتناقض مع عوالم قاحلة أخرى كثيرة جداً.
إلا أن هذا يعطي أيضاً حالتكم إلحاح شديد ويشكل خطراً حقيقياً، لأنكم تمتلكون ما يريده آخرون كثيرون لأنفسهم. إنهم لا يسعون إلى تدميركم وإنما إلى كسب ولائكم وتحالفكم حتى يمكنهم الانتفاع من وجودكم في العالم ومن أنشطتكم فيه. أنتم هنا بصدد الظهور في مجموعة من الظروف الناضجة والمعقدة. هنا لا يمكنكم أن تتصرفوا كأطفالٍ صغار وتؤمنوا وتأملوا أن البركات ستحل عليكم ممن قد تلقونهم. يتعين عليكم أن تصبحوا حكماء وقادرين على التمييز، مثلما تعيَّن علينا من قبل، عبر تواريخنا الصعبة، أن نصبح حكماء وقادرين على التمييز. لقد أصبح لزاماً على البشرية الآن أن تتعلم عن طرق المجتمع الأعظم، وعن التعقيدات والتفاعلات بين الأعراق، وعن تعقيدات المعاملات التجارية، وعن التلاعب المستتر الذي تأسس بين الهيئات والتحالفات القائمة بين العوالم. إنه وقت صعب للبشرية ولكن مهم لها، وقت الوعد العظيم إذا أمكن القيام باستعداد حقيقي.
وفي هذا الخطاب، وهو الثاني لنا، نودُّ أن نتكلم بمزيد من التفصيل عن تدخل مجموعات متنوعة من الزوار في شؤون البشرية، وما قد يعنيه ذلك لكم، وما يتطلبه منكم. نحن لم نأتِ لنحث الخوف في قلوبكم وإنما لإثارة الشعور بالمسؤولية، لتوليد وعي أعظم، وللتشجيع على الاستعداد للحياة التي أنتم فيها داخلون، حياة أعظم ولكن مليئة أيضاً بالمشاكل والتحديات الأعظم.
لقد أُرسلنا هنا من خلال القوة الروحية اللامرئيين وحضورهم. ربما ستفكرون فيهم بطريقة ودية باعتبارهم ملائكة، إلا أن دورَهم في المجتمع الأعظم أعظم ومشاركاتهم وتحالفاتهم عميقة ونافذة. وقوتُهم الروحية هنا لتبارك الكائنات الواعية في كل العوالم وفي كل الأماكن ولتدفع بتطوير المعرفة الروحية العميقة والحكمة التي ستتيح إمكانية ظهور العلاقات سلمياً، بين العوالم وداخل العوالم على حدٍ سواء. نحن هنا نيابةً عنهم. لقد طلبوا منّا أن نأتي. وقدموا لنا قدراً كبيراً من المعلومات التي لدينا، وهي معلومات لم يكن بمقدورنا أن نجمعها بأنفسنا. ومنهم تعلمنا الكثير عن طبيعتكم. تعلمنا الكثير عن قدراتكم، ومواطن شدتكم، ومواطن ضعفكم، وقابليتكم للتعرض للخطر. نستطيع أن نفهم هذه الأشياء لأن العوالم التي جئنا منها مرت بهذه العتبة العظيمة من الظهور في المجتمع الأعظم. وقد تعلمنا الكثير، وعانينا الكثير من أخطائنا الشخصية، وهي أخطاء نأمل أن تتجنبها البشرية.
نحن لم نأت إذن بتجربتنا الخاصة فحسْب، ولكن بوعي أعمق وإحساسٍ أعمق بالهدف الذي أعطوه لنا اللامرئيون. نحن نراقب عالمكم من مكان قريب، ونرصد الاتصالات التي يجريها زواركم. نحن نعلم من هم. ومن أين جاؤوا ولماذا هُم هنا. نحن لا نتنافس معهم، لأننا لسنا هنا لاستغلال العالم. نحن نعتبر أنفسنا حلفاء البشرية، ونأمل في الوقت المناسب أن تعتبرونا كذلك، لأننا كذلك. ورغم أننا لا نستطيع أن نثبت ذلك، فإننا نأمل أن نبرهن عليه من خلال كلماتنا ومن خلال الحكمة في مشورتنا. نأمل أن نعدّكم لما أنت مقبلون عليه. لقد جئنا في مهمتنا بإحساس بالعجلة، لأن البشرية متخلفة كثيراً في استعدادها للمجتمع الأعظم. وقد جرت محاولاتٌ كثيرة سابقة منذ عقود لإقامة اتصالٍ مع البشر وتحضيرهم لمستقبلهم ولكن ثبت فشلُها. ولم يتسن الوصول إلاّ إلى بضعة أشخاص، وكما قيل لنا، أُسيء تأويل كثير من هذه الاتصالات واستخدمها آخرون لأهداف مختلفة.
لذلك، أُرسلنا في مكان الذين جاءوا من قبلنا لكي نعرض المساعدة على البشرية. ونحن نعمل سوياً في قضيتنا الموحدة. إننا لا نمثل قوةً عسكريةً عظمى وإنما نحن أقربُ إلى تحالفٍ سري ومقدس. فنحن لا نريدُ أن نرى نوع الشؤون الموجودة في المجتمع الأعظم يُرتكب هنا في عالمكم. ولا نريد أن نرى البشرية وقد أصبحت دولةً عميلةً لشبكة أعظم من القوى. ولا نريد أن نرى البشرية وقد فقدت حريتها وحقها في تقرير مصيرها. هذه أخطار حقيقية. لهذا السبب، نشجعكم على التفكير بعمق في كلماتنا، بدون خوف، إذا أمكن، وبنوع الإيمان الراسخ والتصميم الذي نعرف أنه يكمن في قلب كل إنسان.
اليوم وغداً وما بعد غدٍ، يجري نشاطٌ عظيم وسيظل جارياً لتأسيس شبكة من التأثير على العرق البشري من قِبل من يزورون العالم لمآربهم الخاصة. هم يشعرون أنهم يأتون إلى العالم لإنقاذه من البشرية. بل إن بعضَهم يؤمنون أنهم هنا لإنقاذ البشرية من نفسها. هم يشعرون أنهم على حق ولا يعتبرون أن تصرفاتهم غير ملائمة أو غير أخلاقية. فهم وفقاً لأخلاقياتهم يفعلون ما يعتبرون أنه منطقي ومهم. أما بالنسبة لجميع الكائنات المحبة للحرية، لا يمكن تبرير مثل هذا النهج.
نحن نراقب أنشطةَ الزوار، التي تنمو. وفي كل عام، يأتي مزيدٌ منهم إلى هنا. يأتون من مكان بعيد. هم يجلبون الإمدادات. وهم يعمقون ارتباطهم ومشاركتهم. وهم يؤسسون محطات اتصال في أماكن كثيرة في نظامكم الشمسي. وهم يراقبون جميع انطلاقاتكم الأولية في الفضاء، وسيقومون بصد وتدمير أي شيء يشعرون أنه سيتعارض مع أنشطتهم. إنهم يسعون إلى تأسيس السيطرة ليس على عالمكم فحسب ولكن على المنطقة المحيطة بعالمكم. يرجع ذلك إلى أن هناك قوى متنافسة هنا. يمثل كل من هذه القوى تحالفا من عدة أعراق.
دعونا الآن نتناول آخر المجالات الأربعة التي تكلمنا عنها في موجزنا الأول. فلهذا المجال علاقةٌ بالزوار الذين يهجنون مع النوع البشري. دعونا نقدم لكم في البداية نبذةً تاريخيةً. منذ آلافٍ مؤلفة من السنين، حسب وقتكم، جاءت عدةُ أعراق لتهجين البشر لإعطاء البشرية قدراً أعظم من الذكاء والقدرة على التكيف. أدى ذلك إلى الظهور المفاجئ إلى حد ما لما يسمى حسب فهمنا ”الإنسان الحديث.“ وأسفر ذلك عن إعطائكم الهيمنة والقوة في عالمكم. لقد حدث هذا منذ وقت طويل.
على أن برنامج التهجين مع البشر الجاري تنفيذه حالياً لا يشبه ما حدث سابقاً على الإطلاق. ذلك أن من يضطلعون به هم مجموعةٌ من الكائنات المختلفة والتحالفات المختلفة. وتسعى هذه الكائنات، من خلال التهجين مع البشر، إلى تأسيس كائن بشري يكون جزءاً من جمعيتها ولكن تكون له القدرة على البقاء حياً في عالمكم وعلى التآلف بشكل طبيعي مع العالم. لا يستطيع زواركم العيش على سطح الأرض. يجب عليهم إما أن يبحثوا عن ملجأ تحت الأرض، وهو ما يفعلونه الآن، أو أن يعيشوا على متن مركباتهم، التي كثيراً ما يبقونها مخفية تحت مسطحات مائية ضخمة. هم يريدون التهجين مع البشرية لحماية مصالحهم هنا، والتي هي بشكل أساسي موارد عالمكم. إنهم يريدون أن يضمنوا ولاء البشر، ولذا فقد انخرطوا على مدى عدة أجيال في برنامج التهجين، الذي اشتدت كثافته خلال السنوات العشرين الماضية.
هدفهم منه له شقّان. أولاً، كما ذكرنا، يريد الزوار أن يخلقوا كائناً شبيهاً بالإنسان تكون له القدرة على العيش داخل عالمكم ولكن يكون مرتبطاً بهم وتكون لديه مجموعةٌ أعظم من الحساسيات والقدرات. والهدفُ الثاني من هذا البرنامج هو التأثير على كل من يلاقونه وتشجيع الناس على مساعدتهم فيما يعملون. الزوارُ يريدون المساعدة من البشر ويحتاجون إليها. ذلك يعزز برنامجهم من كل النواحي. إنهم يعتبرونكم ذوي قيمة. إلا أنهم لا يعتبرونكم أقراناً أو نظراءً لهم. أنتم مفيدون، ذلك هو تصورهم عنكم. لذلك، سيسعى الزوار في كل من سيلاقونه، وفي كل من سيأخذونه، إلى توليد الشعور بتفوّقهم وقيمتهم وبأهمية وقيمة مساعيهم في العالم. سيخبر الزوار كل من يتواصلون معه بأنهم جاءوا إلى هنا من أجل الخير، وسيُطَمئنون كل من خطفوه بأنه لا لزوم لخوفهم. أما الذين يبدو أنهم مستقبلين على وجه التحديد، فسيحاولون إقامة تحالفات معهم، عن طريق بناء حس مشترك بالهدف، بل حس مشترك بوحدة الهوية والعائلة، ووحدة التراث والمصير.
لقد درس الزوار في برنامجهم علم وظائف أعضاء جسم الإنسان، وعلم نفس الإنسان بإسهاب شديد، وسيستغلون ما يريده الناس، لا سيما الأشياء التي يريدها الناس ولكن لم يتسن لهم الحصول عليها لأنفسهم، مثل السلام، والنظام، والجمال، والطمأنينة. وستعرض هذه الأشياء على الناس والبعض سيصدق. سيتم ببساطة استخدام آخرين كل ما دعت لهم الحاجة.
من الضروري هنا أن يُفهم أن الزوار يصدقون أن هذا مناسب تماماً من أجل الحفاظ على العالم. وهم يشعرون أنهم يقدمون للبشرية خدمةً عظيمة، ومن ثم فإنهم مخلصون تماماً فيما هم به مقتنعون. والأمرُ المؤسف هو أن ذلك يدلُّ على حقيقة عظيمة بشأن المجتمع الأعظم، وهي أن الحكمة الحقيقية والمعرفة الروحية الحقيقية لا تقلّان ندرةً في الكون عن الندرة التي لا بد أنها تبدو بها في عالمكم. من الطبيعي أن تكون لديكم آمال وتوقعات أن تكون الأعراقُ الأخرى قد تجاوزت أطوار المراوغة والمساعي الأنانية والتنافس والصراع. لكن، ياحسرةً، أن الأمر ليس كذلك. فالتكنولوجيا الأعظم لا ترفع من شدة الفرد العقلية والروحية.
وهناك اليوم أشخاصٌ كثيرون يجري أخذُهم قسراً ضد إرادتهم بشكل متكرر. نظراً لأن البشرية تؤمن بالخرافات بشدة وتسعى إلى إنكار الأشياء التي تَعجز عن فهمها، تجري مواصلة هذا النشاط المؤسف بنجاح ضخم. وحتى في هذا الوقت، يمشي على الأرض أفرادٌ من نسل هجين، أنصافُ بشر، وأنصافُ فضائية. مع أنهم ليسوا كثيرين، فإن أعدادَهم ستتزايد مستقبلاً. وقد تلتقون بأحدهم يوماً ما. سيبدون في ظاهرهم مثلكم ولكن سيكونون مختلفين. ستظنون أنَّهم بشر، لكن شيئاً أساسياً سيبدو مفقوداً فيهم، شيئاً ذو قيمة في عالمكم. من الممكن امتلاك القدرة على تمييز هؤلاء الأفراد وتحديد هويتهم، ولكن حتى يتسنى لكم ذلك، سيلزم أن تكتسبوا مهارات في البيئة العقلية وأن تتعلموا ما تعنيه المعرفة الروحية والحكمة في المجتمع الأعظم.
نحن نشعر أن تعلُّم ذلك أمرٌ بالغ الأهمية، لأننا نرى من موقعنا الاستطلاعي كلَّ ما يحدث في عالمكم، ويسدون لنا اللامرئيون النصح في الأمور التي يتعذر علينا رؤيتها أو الوصول إليها. إننا نفهم هذه الأحداث، لأنها حدثت مرات لا تحصى في المجتمع الأعظم، إذ يُلقى التأثير والإقناع على الأعراق التي يكون قد بلغ منها الضعف أو الهشاشة مبلغاً يحول دون استجابتها بفعالية.
لدينا أمل وثقة في ألا يعتقد أحدٌ منكم ممن يسمع هذه الرسالة أن هذه التدخلات في حياة الإنسان مفيدة. سيُلقى التأثير على الأشخاص الذين تعرضوا للتأثير أن هذه اللقاءات مفيدة، لهم وللعالم على حد سواء. سيوجه الزوار تطلعات الناس الروحية، ورغبتهم في السلام والوئام، ورغبتهم في العائلة والانضمام. فهذه الأمور تمثل شيئاً استثنائياً بشأن الأسرة البشرية، وما لم تقترن بالحكمة والاستعداد فإنها تكون علامة على عرضتكم الشديدة للخطر. المجهزون بقوة المعرفة الروحية والحكمة هم فقط القادرون على رؤية الخداع وراء محاولات الإقناع. هم وحدهم المهيؤون لرؤية الخداع الذي يجري اقترافه ضد البشر. هم وحدهم القادرون على حماية عقولهم من التأثير الذي يجري إلقاؤه في البيئة العقلية في أماكن كثيرة في العالم اليوم. هم الوحيدون الذين سيرون ويعرفون.
كلماتُنا لن تكون كافية. يجب على كل رجل وامرأة تعلُّم الرؤية والمعرفة. ليس بوسعنا إلا أن نشجع ذلك. إن مجيئنا هنا إلى عالمكم قد حدث وفقاً لعرض التعليم في روحانية المجتمع الأعظم، لأن التحضير موجودٌ هنا الآن وهذا هو السبب الذي يمكن لأجله أن نكون مصدراً للتشجيع. فلو لم يكن التحضير موجوداً هنا، لعرفنا أن ما نحذر منه وما نشجع عليه لن يكونا كافيين ولن يحققا النتائج المنشودة. يريد الخالق واللامرئيون إعداد البشرية للمجتمع الأعظم. في الحقيقة، هذا هو أهم احتياج للبشرية في الوقت الحاضر.
لذلك، نشجعكم على ألاّ تصدِّقوا أن أخْذ البشر وأطفالهم وأسرهم له أي فائدة للأسرة البشرية على الإطلاق. هذا أمرٌ يجب أن نؤكد عليه. إن حريتكم ثمينة. حريتُكم كأفراد ثمينة، وحريتكم كعرق ثمينة. وقد استغرقنا وقتا طويلاً لنستعيد حريتنا. ولا نريد أن نراكم تخسرون حريتكم.
برنامج التهجين مع البشر الجاري تنفيذه في العالم سيستمر. الطريقة الوحيدة لإيقافه هي أن يكون لدى الناس هذا الوعي الأعظم وهذا الشعور الأعظم بالسلطة الداخلية. لا شيء سوى ذلك سيضع نهايةً لهذه التدخلات. لا شيء سوى ذلك سيكشفُ الخداع من ورائهم. من الصعب علينا أن نتخيَّل مدى فظاعة هذا الأمر بالنسبة للناس في عالمكم، بالنسبة للرجال والنساء، بالنسبة للأطفال، الذين يخضعون لهذه المعاملة، ولإعادة التربية هذه، ولهذه التهدئة. من منظور قيَمنا، يبدو هذا الأمر بغيضاً، ومع ذلك نعرفُ أن هذه الأشياء تحدث في المجتمع الأعظم وحدثت منذ ما قبل الذاكرة.
ربما ستولِّد كلماتنا المزيدَ والمزيد من الأسئلة. هذا أمرٌ صحي وطبيعي، ولكن لا يمكننا الإجابة على جميع أسئلتكم. يجب عليكم أن تجدوا الوسائل التي تتوصلون من خلالها إلى الإجابات بأنفسكم. لكن لا يمكنكم القيام بذلك دون تحضير، ولا يمكنكم القيام بذلك دون توجيه. في الوقت الحالي، يتعذَّرُ على البشرية ككل أن تفرِّق بين ما يشكِّل مظاهراً من المجتمع الأعظم وما يشكِّل تجلياً روحياً، وذلك أمرٌ نفهمه. هذا موقفٌ صعب حقاً لأن زواركم قادرون على عرض صور، وعلى التحدث إلى الناس من خلال البيئة العقلية، ويمكن استقبال أصواتهم والتعبير عنها من خلال الناس. إن بمقدورهم بث هذا النوع من التأثير لأن البشرية لا تملك بعد هذا النوع من المهارة أو التمييز.
البشرية ليست موحدة. بل هي مشتتة. هي في خلاف مع نفسها. هذا يجعلكم معرَّضين بشدة للتشويش والتلاعب الخارجيين. إن زواركم يفهمون أن رغباتكم وميولكم الروحية تجعلكم عرضةً للخطر بشكل خاص وأرضاً خصبة بشكل خاص لتحقيق مصالحهم. ما أصعب اكتساب موضوعية حقيقية للتعامل مع هذه الأمور. حتى من حيث أتينا، كان ذلك تحدياً عظيماً. ولكن بالنسبة لمن يرغبون في البقاء أحراراً وفي ممارسة حق تقرير المصير في المجتمع الأعظم، يجب عليهم تطوير هذه المهارات، ويجب عليهم الحفاظ على مواردهم حتى لا يضطروا إلى التماسها عند الآخرين. فإذا فقد عالمُكم اكتفاءه-الذاتي، فسيفقد الكثير من حريته. وإذا تعيَّن عليكم الذهاب خارج عالمكم للبحث عن الموارد التي تحتاجون إليها للعيش، فستفقدون الكثيرَ من قوتكم للآخرين. ولأن موارد عالمكم آخذة في التضاؤل بوتيرة سريعة، فإن ذلك مصدر قلقٍ بالغ لمن يراقبون هذا الوضع من بعيد. وهو أيضاً مصدر قلقٍ لزواركم، لأنهم يريدون منع تدمير بيئتكم، ليس من أجلكم بل من أجلهم.
إن لبرنامج التهجين مع البشر غايةً واحدةً، وهي تمكينُ الزوار من تأسيس حضورٍ لهم وتأثير قيادي داخل العالم. لا تظنوا أن الزوار يفتقرون إلى شيء يحتاجون إليه منكم غير مواردكم. لا تظنوا أنهم يحتاجون إلى إنسانيتكم. هم يريدون إنسانيتكم فقط ليضمنوا لأنفسهم موقعهم في العالم. لا يأخذنَّكم التملق. لا تنغمسوا في مثل هذه الأفكار. فهي غير مبررة. ولو كان بإمكانكم تعلُّم رؤية الوضع على حقيقته بوضوح، لرأيتم وعرفتم هذه الأمور بأنفسكم. ولفَهمتم سببَ وجودنا هنا وسببَ احتياج البشرية إلى حلفاء في المجتمع الأعظم من الحياة الذكية. ولرأيتم أهمية تعلم المعرفة الروحية والحكمة الأعظم وأهمية تعلم روحانية المجتمع الأعظم.
ولأنكم بصدد الظهور في بيئة تصبح فيها هذه الأمور حيوية لتحقيق النجاح، والحرية، والسعادة، والقوة، ستحتاجون إلى معرفة روحية وحكمة أعظم من أجل تثبيت أقدامكم كعرق معتمد على نفسه في المجتمع الأعظم. غير أن استقلالكم يُفقد يوماً من بعد يوم. وقد لا ترون خسارة حريتكم، وإن كان من الممكن ربما أن تشعروا بها بشكل ما. كيف لكم أن تروا ذلك؟ فأنتم لا تستطيعون الخروج من عالمكم ومشاهدة ما يحيط به من أحداث. لا يمكنكم الوصول إلى المعاملات السياسية والتجارية التي تقوم بها القوى الفضائية التي تعمل في العالم اليوم لفهم تعقيداتهم، أو أخلاقياتهم، أو قيمهم.
لا تظنوا أبداً أن أيَ عرق في الكون يسافر من أجل التجارة هو عرقٌ متطور روحياً. إن الذين يسعون للتجارة إنما يسعون لكسب ميزات. والذين يسافرون من عالم إلى آخر، والذين هم للموارد مستكشفون، والذين يسعون سعياً إلى تنصيب أعلامهم، ليسوا من يجدر بكم اعتبارهم متطورين روحياً. نحن لا نعتبرهم متطورين روحياً. هناك قوةٌ دنيوية، وهناك قوةٌ روحية. وبمقدوركم فهم الفرق بين هذين الأمرين، ومن الضروري الآن رؤية هذا الفرق في بيئةٍ أكبر.
لقد جئنا، إذن، بشعورٍ بالالتزام ولكي نشجعَكم بشدة على أن تحافظوا على حريتكم، وأن تتحلَّوا بالشدة والتمييز، وألا تستسلموا للإقناع أو لوعود السلام والقوة والانضمام المقدم مما لا تعرفونهم. ولا تركنوا إلى فكرة أن كلَّ الأمور ستصبح على ما يرام للبشرية أو حتى لكم شخصياً، لأن ذلك ليس من الحكمة في شيء. فالحكماء، أينما كانوا، عليهم أن يتعلَّموا رؤية الحياة من حولهم على حقيقتها وأن يتعلموا التفاوض في هذه الحياة بما ينفعهم.
لذلك، تلقّوا تشجيعنا. سوف نتكلَّم مرة أخرى بشأن هذه الأمور ونوضِّح أهمية اكتساب القدرة على التمييز والتحفظ. سنتكلم باستفاضة عما يفعله زوارُكم في العالم في مجالات من المهم جداً أن تفهموها. نأمل أن تتمكَّنوا من تلقي كلماتنا.